محتوى الرسالة التي وجهها بلحسن الطرابلسي إلى الشعب التونسي
محتوى الرسالة التي وجهها بلحسن الطرابلسي إلى الشعب التونسي
رسالة اعتذار إلى تونس الحبيبة وشعبها الأبيّ
إلى كلّ التونسيين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لست أدري من أين أبتدئ كلامي، ولكن كل ما أفكّر فيه الآن هو أنني أريد أن أعتذر عن كل ما سبّبه الاسم الذي أحمله من مضرّة أو ظلم أو ضيم عن قصد أو عن غير قصد لأي تونس، كلّنا نخطئ ولكن يجب أن نطلب الصفح إن كنا صادقين، وما رسالتي هذه سوى محاولة مني للاعتذار ولطلب الصفح رغم أني أعرف أني وفي نظر الكثير من التونسيين، إن لم يكن جميعهم، المجرم الذي سرق البلاد وتعدّى على العباد ثمّ هرب.
وحقيقة الأمر فإنّي لم أهرب، ولكن أمام التهديدات التي بدأت أتعرّض إليها وأبنائي منذ منتصف الأسبوع الأوّل من يناير 2011، وأمام انعدام الأمن، بعد أن وقعت محاولة الهجوم على منزلي مرات عدّة ثم اجتياحه بشكل منظّم ونهبه تمامًا وهدم جانب من بناياته، خيرت حماية أبنائي والابتعاد موقّتا عن البلاد، وغادرناها من نقطة حدود قانونية وبعد استكمال كل الإجراءات وختم جوازاتنا.
أعلم أنّ بعض وسائل الإعلام، عن قصد أو غير قصد، قد صورتني في أبشع صور وجعلتني أحد أكبر رموز الفساد في العهد السابق، خالطين في ذلك وبين تصرفات البعض، في حين أنّه لا تزر نفس وزر أخرى، وفي غيابي تسابقت الحكايات حولي، ووصل بعضها إلى حدّ الخيال، وحول نهبي لخيرات البلاد وانطلقت القضايا ضدّ بحقّ وبغير حقّ، حتى من بعض شركائي رغم علاقتي التي كانت طيّبة معهم ومؤسسة على الثقة والتعامل النزيه مثلما ستكشفه الوثائق.
وفي حقيقة الأمر، لست إلا مواطنًا تونسيًا أنتمي إلى عائلة متواضعة، درست في ظروف صعبة في تونس والجزائر، إلى أن تحصّلت على رتبة مهندس، ثمّ بدأت بنشاط اقتصادي متواضع عملت بكل جهد على إنمائه، وعلى تطوير شركتي التي أصبحت شركات، لا بفضل نهب خيرات البلاد بل بفضل تعبي وشقائي وعملي الكادح، وما قمت به من استثمارات من أجل اقتصاد بلادي.
صحيح أنّ الأبواب كانت تفتح أمامي نظرًا لمصاهرتي لرئيس البلاد، وصحيح أني كلّما طلبت موعدًا من أحد المسؤولين إلا ولبّى رجائي، وأنّ كلّ الإجراءات تُسهّل لي، لكن كلّ الملفات موجودة ويمكن لكلّ إنسان أمن ذي ثقة، عادل، أن يطّلع عليها وأن يُخبركم بأني لا أملك أي شركة من شركات الدولة، ولم أتحصّل على أي أرض أو ملك من أملاك الدولة، وأني كنت أقوم بواجبي الجبائي ودفع الضرائب، ككل مواطن، بلّ إنّي كنت أحرص على احترام مقتضيات ذلك وأنبّه على العاملين معي في هذا الصدد، وأن كل ممتلكاتي ومعظم ثروتي لم أقل أكملها تقع في البلاد التونسية، وحتى نتائج نشاطي الاقتصادي أو معاملاتي بالخارج وعائداتها، كنت أقوم بها عن وسائل مالية عالمية باستثمارها في تونس، ولست أملك بصفة مباشرة أو غير مباشرة ولو مترًا مربّعًا من العقارات في الخارج، وأتحدّى أيًا كان من يثبت عكس ذلك، وإني مستعد لتسليم التونسية تفويضًا في ذلك للبحث عنها وأخذها إن وُجدت.
الكل يعلم أني قمت باستثمارات كبيرة، وكنت أشغّل حوالي أربعة ألاف عامل بطريقة مباشرة، وأخيرًا أسست معملاً لتكرير السكر ومعملاً لإنتاج الأسمنت بمبالغ طائلة وضعت فيها معظم ثروتي، واستقدمت فيها أموالاً من الخارج لتشغيل آلاف العمال وخدمة اقتصاد البلاد، هل هذا تصرّف من ينهب ثروات الشعب؟، من ينهب الشعب يُهرّب أمواله إلى الخارج، ولا يفكّر بتاتًا في إرجاعها أو استثمارها في تونس”.
إن الغربة تؤلمني كثيرًا، وإني أريد العودة إلى بلدي مهما كلّفني الثمن وبكلّ تلقائية، ومستعدّ للمثول أمام هيئة قضائية أو هيئة عدالة انتقالية أو أي هيئة يختارها الشعب، وتقرّها الحكومة للاستجواب والمساءلة وتقديم كلّ المعلومات التي بحوزتي، وكلّ تفاصيل أعمالي ومراحل تكوين ممتلكاتي وإصلاح أي خطأ قمت به وأتحمّل تبعاته، ورفع أي مضرّة إن وُجدت على أي كان إن كنت متسببًا فيها عن قصد أو غير قصد.
إني أريد أن أعود إلى وطني لمواجهة قدري والامتثال إلى الاستجواب والمساءلة، لا لمجابهة الأحقاد العمياء والانتقامات الصمّاء والكذب والبهتان والانتقام والتشفي والدسائس.. إني لا أشترط ولا أطالب بل أتمنّى وآمل،
أعلم أنّ اسمي يحمل السخط، ولكن مهما يكن من أمر فإني تونسي، وكل تونسي مهما كان، ومهما فعل له الحق في التمتّع بحقوقه، أودّ فقط أن أوضّح أني وإن ارتكبت عن قصد أو عن غير قصد أخطاء، فإني مستعدّ للمحاسبة وللمثول أمام العدالة رغم أن نيّتي لم تتجه أبدًا إلى الأضرار بوطني أو بشعبه، بل إن مسعاي وغاية طموحي أن أكون من رجال الأعمال التونسيين الذين يمارسون نشاطًا يعود بالفائدة وينفع اقتصاد البلاد.
إنّي أتوجّه إليكم إخواني التونسيون جميعًا، لأتمتع بمصيري وقدري الذي كتبه الله لي بين أيديكم من خلال العدالة، عدالة مستقلّة، عدالة محايدة، عدالة تعمل بالعدل والإنصاف، لا تنظر إلى اسمي أو مصاهرتي بل تنظر إلى أعمالي ووثائقي وملفاتي وتستمع إليّ بكلّ تجرّد، فأنا مستعدّ للمثول أمامها والجواب بكلّ صدق وبكلّ إخلاص وبكل شفافية وأقبل حكمها عليّ، عدالة آمل فيها مثلما آمل أن يكون الشعب التونسي عادلاً، ويستمع إليّ ويحكم عليّ بالحقّ وبكلّ رويّة، بعيدًا عن التشفي والانتقام والأحقاد وعن الدسائس التي يكيدها البعض، شعبًا كعادته حليمًا متسامحًا، ومهما يكن من أمر فتونس عزيزة، وشعبها أعزّ وإن جاروا عليّ.
أعتذر مسبقًا وفي كل الأحوال وعن كل الأعمال، أعتذر إلى الشعب التونسي بكل صدق وإخلاص، كل ذلك مع استعدادي التام لتحمّل مسؤولياتي ومواجهة القضاء وهيئات الدولة والحضور لديها والامتثال لها وللمساءلة ولكلّ حكم يصدر عنها.. أعتذر دون تهرّب من تحمّل مسؤوليّتي كاملة.
عاشت تونس حرّة مستقلّة،
عاش شعبها ووفّق الله حكومتها لما فيه مصلحة البلاد والعباد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire